هل يمكن أن يكون لدى الطب التجديدي الحل لفهم داء الزهايمر؟

يُعد أيلول/ سبتمبر هو الشهر العالمي لداء الزهايمر، وهو مناسبة لزيادة الوعي بالبحوث التي تعمل على سبر أغوار الغموض العلمي المحيط بمرض يسلُب الأشخاص ذاكرتهم واستقلاليتهم وقدرتهم على التفكير والإدراك في نهاية المطاف. إن مركز الطب التجديدي الذي يُركز على أسباب المرض وعلاجه يدفع عجلة الابتكار بوصفه شريك تعاوني في أبحاث مايو كلينك الدؤوبة لزيادة الفهم وإبطاء تقدّم الاضطراب العصبي أو إيقافه الذي لا توجد له علاجات معتمدة لتغيير مسار مرض.

وفقًا لجمعية مرضى الزهايمر فإن داء الزهايمر يُصيب شخصًا واحدًا من كل عشرة أشخاص أكبر من 65 عامًا أو ما يَزيد عن خمسة ملايين أمريكي. ومن المتوقع أن يتزايد هذا العدد بشكل مطرد في السنوات المقبلة مع الزيادة السريعة في عدد السكان المسنين. يستخدم باحثو مركز الطب التجديدي أحدث التقنيات الخلوية جنبًا إلى جنب مع الأساليب التجديدية لفهم تقدّم المرض بشكل أفضل والعلاجات التجديدية الممكنة وذلك بالتعاون مع مركز أبحاث داء الزهايمر التابع لمايو كلينك.

نهج تجديدي لداء الزهايمر

يُعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة تلعب دورًا في الإصابة بداء الزهايمر. ولكن العامل الأكثر خطورة هو التقدم في السن. يرتبط تدهور الجهاز العصبي وتراجع الذاكرة — السمة المميزة لداء الزهايمر — بشكل أساسي بنوعين مختلفين من البروتينات. يتداخل تراكم لويحات بيتا النشوانية مع الخلايا العصبية مما يؤدي إلى انخفاض إدراك الدماغ. تتسبب الكميات غير الطبيعية من بروتين تاو في حدوث حُبَيْكات تصبح سامة وتقتل الخلايا العصبية في الدماغ في نهاية الأمر. إنه مرض معقد، ومع ذلك في وقت تشريح الجثة يمكن العثور على العديد من البروتينات غير الطبيعية المختلفة في الدماغ.

ركزت أبحاث علم الأعصاب قبل السريرية في مركز الطب التجديدي بولاية فلوريدا على عوامل الخطر الوراثية المرتبطة بجين صميم البروتين الشحمي E (APOE). يحتوي جين APOE على نسخ مختلفة تُسمى الأنماط المعدّلة التي تؤثر على خطر التعرض للإصابة بداء الزهايمر. اكتشفت الدراسات المختبرية التي تُمثل نموذجًا لخطر النمط المعدّل، APOE ε4، تأثيرًا تنكسيًا متزايدًا على الدماغ في الفئران مقارنة بالنمط المعدّل الأقل خطورة APOE ε3. 

يقول غوجون بو حاصل على الدكتوراه ورئيس قسم علم الأعصاب بولاية فلوريدا والمدير المساعد لمركز الطب التجديدي بولاية فلوريدا: "لقد وجدنا أنه إذا قمنا بتغيير هذا النمط الجيني APOE في الدم المحيطي، فإنه يمكن أن يؤثر على إدراك الدماغ ومَرَضيّات بيتا النشوانية. إن النمط الجيني ε4 يُضعف إدراك الدماغ ولكن التحول إلى ε3 قد جعل وظائف الدماغ أفضل". 

وضع هذا الاكتشاف في مركز مايو كلينك بولاية فلوريدا الأساس لدراسات السلامة للمرحلة الأولى على الإنسان. يريد الباحثون في مركز ولاية فلوريدا تطبيق النتائج الوراثية التي توصلوا إليها على دراسة الخواص العلاجية المحتملة لبلازما الدم. ويرغبون على وجه الخصوص في الإجابة عن السؤال حول ما إذا كانت البلازما من مانحين شباب ليست لديهم عوامل الخطر الوراثية للإصابة بداء الزهايمر سيكون لها آثار تجديدية على الأشخاص الذين لديهم خطر النمط المعدّل APOE ε4 ممن يكونون في المراحل المبكرة من داء الزهايمر. وسيكون المانحون الشباب أشخاصًا تبلغ أعمارهم 30 عامًا أو أقل.

يقول د. غوجون بو: "نعلم من الأبحاث الخارجية أن بلازما المانحين من الشباب بشكل عام تتمتع بقدرة تجديدية في الحالات المرتبطة بالعمر والشيخوخة بشكل عام. واختبار ما إذا كان حقنًا أو حتى تبادلًا كاملًا للبلازما من مانحين شباب قد يكون له تأثيرات علاجية في المرحلة المبكرة لدى مرضى الزهايمر الذين لديهم النمط المعدّل للجين APOE ε4 أمر مثير للاهتمام للغاية".

لا يُعرف حاليًا الكثير عن العلاج التجديدي في شيخوخة الدماغ. ولم يُظهر الدماغ عادة أنه يمكن أن يتجدد مع تقدم العمر، وذلك وفقًا لميليسا موراي، حاصلة على الدكتوراه وباحثة في العلوم العصبية في مركز مايو كلينك بولاية فلوريدا.

 تقول د. ميليسا موراي: "تُشير معرفتنا المكتسبة من دراسات النمو العصبي إلى أنه يتم إطلاق إشارات مُعينة عندما تكون أدمغتنا أكثر مرونة وقدرة على النمو. وقد تم التركيز على تحديد ما إذا كان من الممكن تحفيز هذه الإشارات لتسهيل عملية التجديد. لا يزال هناك أمور كثيرة مجهولة، ولكن لا ينبغي استبعاد تجديد الخلايا العصبية في هذا العصر الحديث الذي يتسم بالتَقَدُّم التكنولوجي في العلاج بالخلايا الجذعية أو مع إمكانية وجود مانحين للبلازما".

إنماء أدمغة صغيرة لدراسة داء الزهايمر

تتمثل إحدى العقبات التي يجب التغلب عليها في أبحاث داء الزهايمر في عدم وجود نموذج يمكن فيه دراسة لويحات بيتا النشوانية وحُبَيْكات تاو معًا. لا تعكس دائمًا النماذج الحيوانية التي دُرست لسنوات مدى تطور المرض في دماغ الإنسان.

يقول د. غوجون بو: "تختلف دماغ الفأر تمامًا عن دماغ الإنسان من الناحية التشريحية وعلى المستوى الجزيئي، ولا تنسحب نتائج الحيوانات دائمًا على الإنسان".

كان بنك الدماغ في ولاية فلوريدا، الذي يوفر أكثر من خمسة آلاف عينة بعد الوفاة، منها ثلاثة آلاف عينة من مرضى الزهايمر، مصدرًا رئيسيًا في تطوير البحث في أسباب التنكس العصبي وتطوره. يُساعد بنك الدماغ في تحديد كيفية ارتباط المَرَضيّات المرتبطة بالأمراض بالتعبير الجيني والمؤشرات الحيوية والمعلومات السريرية.

يتقدم الباحثون بأبحاثهم خطوة إلى الأمام الآن من خلال إنماء أدمغة بشرية صغيرة في طبق الاختبار. باستخدام الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات (iPSC) المعاد برمجتها من الأرومات الليفية الجلدية أو الخلايا المحيطية أحادية النواة، يستطيع الباحثون إنماء من ثلاثة إلى أربعة مليمترات من الخلايا الحية عضوية الشكل التي تُشبه بنية دماغ الإنسان بما في ذلك طبقات الخلايا العصبية والبُطينات. الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات هي خلايا جذعية يتم إعادة برمجتها في المختبرات ولكنها تشبه الخلايا الجذعية الجنينية. وتُنتج بشكل معتاد في منشآت البنية الأساسية لمركز الطب التجديدي مثل Biotrust للطب التجديدي ومختبر Neuroregeneration. يمكن إعادة توجيه الخلية الجنينية لتصبح خلية دماغية بغرض خلق مرض في طبق الاختبار لإجراء البحث.

يقول د. غوجون بو: "يتم أخذ هذه الأدمغة الحية الصغيرة من خلايا أشخاص مصابين بداء الزهايمر. ومن خلال استخدام هذا النموذج، يمكننا معرفة ما يحدث داخل دماغ المصابين بالزهايمر على نحو أدق وتأثيرات النمط المعدّل للجين APOE ε4. ويساعدنا ذلك في دراسة سبب المرض وتطوره. نأمل أن يؤدي نموذج إنماء الدماغ في طبق الاختبار هذا إلى فهم مَرَضيّات الزهايمر وكيفية استهداف العلاجات التي يمكن أن تبطئ تقدّم المرض أو توقفه".

تضيف د. ميليسا موراي قائلة: إنه عندما يتم تحديد العلاج في يوم ما ستكون هناك حاجة إلى نهج فردي لمنع ظهور الأعراض أو تأخيرها بنجاح. 

تقول د. ميليسا موراي: "تختلف طرق العلاج بالنسبة لداء الزهايمر الذي يبدأ في سن الشباب، ويصاب به الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عامًا، ويحدث في وقت متأخر، والذي يؤثر على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. هذا يرجع إلى الاختلافات في أماكن تراكم البروتينات غير الطبيعية وعدد المرات التي تحدث فيها المَرَضيّات الموجودة في الدماغ المتقدم في السن".

يتكهن د. غوجون بو بالتوصل لعلاجات في المستقبل تتخذ نهجًا متعدد الجوانب لعلاج لويحات بيتا النشوانية وحُبَيْكات تاو وفقدان الخلايا العصبية. العديد من التجارب السريرية في المرحلة الأولى والثانية والثالثة يجري تنفيذها في إطار السعي لنقل أحدث الاكتشافات المختبرية إلى معايير الرعاية اليومية. يقول د. غوجون بو، قد يستغرق الأمر من الناحية الواقعية ما بين خمسة أعوام إلى عشرين عامًا للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وتقديم خيارات علاجية جديدة لمرضى الزهايمر.

###

عن مايو كلينك

مايو كلينك هي منظمة غير ربحية ملتزمة بالابتكار في الممارسة السريرية والتعليم والبحث، وتوفر الرَأفَة والخبرة والإجابات لكل من يحتاج إلى الشفاء. قم بزيارة شبكة أخبار مايو كلينك للحصول على المزيد من أخبار مايو كلينك، وزيارة حقائق مايو كلينك للحصول على مزيد من المعلومات عن مايو كلينك.

جهة الاتصال الإعلامية:
شارون ثيمير، مكتب العلاقات العامة بمايو كلينك، البريد الإلكتروني:newsbureau@mayo.edu