باحثو مايو كلينك يتعقبون كل دليل لإيجاد حل لمرضى الأمراض النادرة
عندما تكون الأمراض لغزًا وتكون أعراضها عصيةً على التشخيص، غالبًا ما يلجأ المرضى إلى مايو كلينك. هناك يتتبع فريق من الأطباء والباحثين المهتمين بالجينوم داخل مركز الطب الفردي كل دليل ممكن لحل هذه الحالات المعقدة.
فما يصل إلى 30 مليون أمريكي مصابون بمرض نادر. والعديد من المرضى يبحثون عن إجابات لمدة تتراوح ما بين 8 إلى 10 سنوات في المتوسط، خلالها يمرون بوابل من زيارات مزودي الرعاية الصحية واختباراتهم. الأمراض النادرة مزمنة وموهنة بل وفتّاكة.
أكثر من 80٪ من الأمراض النادرة تسببها تغيرات جينية يمكن أن تحدث في أي سن. ما يجعلها مرشحًا رئيسيًا لإجراء اختبار جينات مفصل، نظرًا للتقدم التكنولوجي في تسلسل الحمض النووي.
التركيز على البيانات الجينية للمرضى لعلاج الأمراض الغامضة
"كل ما هو نادر ليس نادرًا بالنسبة لنا"، هذا ما يقوله كونستانتينوس لازاريديس، دكتور الطب، مدير برنامج المركز للأمراض النادرة وغير المُشخَّصة. "لدى مايو كلينك أكثر من 3,800 باحث يسعون بلا هوادة إلى اكتشافات من شأنها أن تعطي الأمل وتقدم خدمات صحية أفضل للناس اليوم وللأجيال القادمة".
ويعتمد برنامج الأمراض النادرة وغير المُشخَّصة، الذي أُطلِق في نيسان/أبريل عام 2019، على عقود من عمل مايو كلينك لتوفير التشخيص والعلاج والرعاية للمرضى المصابين بأمراض نادرة. باستخدام التسلسل والاختبارات الجينومية ومتعددة الأوميك المتطورة، جنبًا إلى جنب مع الأبحاث العالمية، نجح البرنامج في الكشف عن سبب جيني للمرضى غير المُشخَّصين في أكثر من 25٪ من الحالات.
ويقول فيليبو بينتو إي فايرو، دكتور الطب، الحاصل على دكتوراه، والمدير الطبي للبرنامج: "إننا لا نستسلم أبدًا عندما يتعلق الأمر بالمرضى الذين لم يحصلوا على تشخيص أولي".
كما يشارك الدكتور بينتو إي فايرو في دراسة الحالات المرضية النادرة لكل مريض تقريبًا والتي ترد على البرنامج. يبدأ الأمر عندما يشتبه أحد مزودي الرعاية بمايو في أن الأعراض المحيرة للمريض قد تكون ناجمة عن تغير جيني.
"أولًا، نُجري اختبارًا يسمى اللوحة متعددة الجينات، والذي يحلل مجموعة من الجينات في آن واحد للبحث عن التغيرات" - كما يفسّر الدكتور بينتو إي فايرو. "لذلك، على سبيل المثال، إذا كان المرض الذي أصاب المريض مرتبطًا بالفشل الكلوي، فبدلًا من النظر إلى 20,000 جين، يمكننا البدء بتحليل مركّز وإلقاء نظرة على 300 إلى 400 جين، مع أن هذا يعد نطاقًا واسعًا للبحث لكنها الأكثر ظهورًا في الكلى".
وعندما يكتمل التقرير الجيني السريري، كاشفًا عن أي تغيرات جينية، يقوم الدكتور بينتو إي فايرو وفريقه بتمشيط البيانات.
يتابع الدكتور بينتو إي فايرو: "قد يوجد عدد قليل من التغيرات الجينية في هذا التقرير، ولكن غالبًا ما تكون هناك تغيرات ذات أهمية غير محددة. لذا فإن مهمتنا هي فهم هذه النتائج السريرية".
بعد إجراء بحث شامل، والذي يتضمن أحيانًا مقارنة البيانات الجينية بحالات المرضى الآخرين الذين لديهم أعراض وتغيرات مماثلة، يلتقي الدكتور بينتو إي فايرو وفريقه من خبراء علم الوراثة بمزودي رعاية المريض.
ويضيف: "إننا نناقش هذه البيانات ونراجع النتائج، ثم نقترح الخطوات التالية. قد يعني هذا في بعض الأحيان المزيد من الاختبارات السريرية أو المزيد من اختبارات الجينات الشاملة أو حتى خيارات بحثية أخرى".
طوال العملية، يزوّد مستشارو علم الوراثة المرضى بمعلومات وتثقيف مستمر حول بياناتهم الجينية.
بالنسبة للمرضى الذين يتم تشخيصهم، يمكن أن تغيّر النتائج حياتهم، أو حتى تنقذ حياتهم، ويتضمن ذلك أفراد أسرهم الذين قد يكونون كذلك حاملين للتغير الجيني. التشخيص هو الحل لتحديد العلاج المحتمل — والذي يكون عادةً دواءً موجودًا يستخدم لعلاج حالة أخرى.
ويوضح الدكتور بينتو إي فايرو قائلاً: "اخترت أن أكون اختصاصي وِراثيات طبيًا لأنني أريد مساعدة هؤلاء المرضى وإحداث تغيير في حياتهم. من الصعب جدًا علاج معظم هؤلاء المرضى وتغيير مسار المرض، لكن هذا ما يجعلني أرغب في العمل لأجلهم والاعتناء بهم ومحاولة تخفيف بعض أعراضهم على الأقل".
البنك الحيوي للأمراض النادرة بمثابة ترسانة بحثية ضرورية
يستمر عمل البرنامج للمرضى الذين يأتون بدون علاج أو تشخيص.
"إن برنامجنا للأمراض النادرة وغير المُشخَّصة هو أكثر من مجرد برنامج سريري. هذا برنامج بحوث مبتكَر للاكتشافات والعلوم والتكنولوجيا"، كما تقول كاري بروكناو، مدير البرنامج.
لتعزيز الاكتشافات، تقول بروكناو إن البرنامج أطلق بنكًا حيويًا للأمراض النادرة ليكون ترسانة بحثية ضرورية لعلماء الوراثيات لدراسة ومقارنة التغيرات وبيانات المرضى.
وتضيف بروكناو: "يكمن الأمل في أنه عند الحصول على مجموعات من المرضى الذين لديهم أنماط ظاهرية مماثلة، يمكن لباحثينا المساعدة في إيجاد حل لحالات الأمراض النادرة هذه من خلال تحديد الطَّفرات الجينية المسببة للمرض وتقديم إجابات للمرضى الذين لم يتم إيجاد حل لحالاتهم بعد".
وتشير بروكناو إلى أن البرنامج قيّم 150 مريضًا في عام 2020 وافتتح 14 عيادة للأمراض النادرة عبر عيادات التخصصات الفرعية المتعددة في مُجمّعات مايو كلينك في ولايات أريزونا وفلوريدا ومينيسوتا، مع خطط لافتتاح 10 عيادات أخرى في عام 2021.
تقول بروكناو: "أنا متحمسة لمساعدة مرضانا، وأريد أن يكون هذا البرنامج مكانًا يأتي فيه الأشخاص للعثور على الإجابات لأنهم يعلمون أننا سنبذل قصارى جهدنا لمساعدتهم".
يشاركها نفس المشاعر العديد من العاملين في البرنامج.
غالبًا ما تتصل إليزابيث بيرك، منسق الأبحاث السريرية المساعد، بالمرضى وأسرهم عندما يمكن متابعة البحث للمساعدة في إيجاد حل لحالة معينة، وتفعل الشيء نفسه عندما تكون متابعة البحث غير ممكنة.
تقول بيرك: "لدينا جميعًا نفس الهدف في الاعتبار، وهو النهوض برعاية المرضى. هؤلاء المرضى ملهمون للغاية، وقد مروا بالكثير. لا يحصل الجميع على إجابة، لكننا نحرص على دراسة هذه الأمراض النادرة ومعرفتها على أمل إيجاد الحل للمزيد من الحالات في المستقبل".
_______________________________________
للصحفيين: يمكن اقتباس المعلومات الواردة في هذا المقال وإرجاع مصدرها إلى مايو كلينك. لمقابلة أحد خبراء مايو كلينك، يُرجى الاتصال بالعلاقات الإعلامية بمايو كلينك عبر البريد الإلكتروني: newsbureau@mayo.edu.