“تجارب سريرية افتراضية” قد تتنبأ بنجاح أدوية فشل القلب

روتشستر، ولاية مينيسوتا — ابتكر باحثو مايو كلينك طريقة جديدة للتنبؤ بما إذا كان من الممكن إعادة توظيف الأدوية الحالية لعلاج فشل القلب، أحد أكثر التحديات الصحية إلحاحًا في العالم. وقد أنشأ الفريق، من خلال دمج النمذجة الحاسوبية المتقدمة وبيانات المرضى الفعلية، "تجارب سريرية افتراضية" والتي قد تُسهِّل اكتشاف علاجات فعالة مع تقليل الوقت والتكلفة ومخاطر الدراسات الفاشلة.
"لقد أظهرنا أنه من خلال إطارنا، يمكننا التنبؤ بالتأثير السريري للدواء دون الحاجة إلى تجربة عشوائية منضبطة. كما يمكننا، بدرجة عالية من الثقة، تحديد ما إذا كان الدواء مرشحًا للنجاح أم لا"، وذلك بحسب قول نانسو زونغ، حاصل على الدكتوراه، اختصاصي المعلوماتية الطبية الحيوية في مايو كلينك والمؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في npj Digital Medicine.
حاجة ماسة
يؤثر فشل القلب في أكثر من 6 ملايين أمريكي وهو السبب الرئيسي لدخول المستشفى والوفاة. وبرغم عقود من الأبحاث، تظل الخيارات العلاجية محدودة، بينما تفشل العديد من التجارب السريرية. بالإضافة إلى أن التطوير التقليدي للأدوية مكلف وبطيء، إذ يستغرق الأمر عادةً مدة زمنية قد تصل إلى عقد وأكثر من 1 مليار دولار أمريكي لجلب علاج واحد إلى السوق.
على الجانب الآخر، قد توفر إعادة توظيف الأدوية، وهي إيجاد استخدامات جديدة لأدوية معتمدة بالفعل لعلاج حالات أخرى، مسارًا أسرع وأقل تكلفة. ونظرًا لأن مأمونية هذه الأدوية مثبتة بالفعل، فبإمكان الباحثين المضي مباشرةً إلى دراسة فوائدها المحتملة لعلاج أمراض أخرى. ولكن يظل التحدي الأكبر هو تحديد الأدوية الجديرة بالاستكشاف.
يقود الدكتور زونغ هذه الجهود مع فريق متعدد التخصصات يضم خبراء في الكيمياء الحيوية وعلم الأدوية الجزيئي وطب القلب والأوعية الدموية وعلوم الصحة الكمية لدمج أداتين جوهريتين، هما: النماذج الحاسوبية التي تتنبأ بكيفية تفاعل الأدوية مع الأجهزة البيولوجية، والسجلات الصحية الإلكترونية المأخوذة من حوالي 60,000 مريض بفشل القلب.
وباستخدام هاتين الأداتين، صمم الباحثون تجارب سريرية افتراضية — تسمى أيضًا مضاهاة التجارب — تحاكي بنية التجربة السريرية العشوائية. وبدلًا من توظيف مشاركين، استخدموا بيانات المرضى المتوفرة لعمل مجموعات مقارنة وقياس النتائج مثل التغيرات في المؤشرات الحيوية التي تتعقب تقدّم فشل القلب.
ولتعزيز دقة هذه التنبؤات، أضاف الفريق نماذج تفاعل الدواء مع الهدف، وهي طريقة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البنيات الكيمائية، جنبًا إلى جنب مع البيانات البيولوجية، مثل تسلسل البروتينات أو الجينات. وقد ساعدت هذه الإضافة على سد الفجوة بين بيانات المرضى الفعلية والتجارب العشوائية التقليدية.
اختبر الفريق هذا النهج على 17 دواء جرى دراستها مسبقًا في 226 تجربة سريرية من المرحلة الثالثة لفشل القلب. أظهرت سبعة أدوية منها فائدة، بينما لم تُظهر 10 أدوية أي فائدة. وتوقعت التجارب السريرية الافتراضية بدقة "اتجاه" تلك النتائج الفعلية.
يقول الدكتور زونغ: "يتمتع هذا النموذج بالقدرة على توجيه مسارات تطوير الأدوية على نطاق واسع. وفي الوقت الحالي، يمكن للنموذج أن يخبرنا باتجاه الفعالية — أي ما إذا كان الدواء سيكون مفيدًا — لكنه لا يستطيع بعد تحديد مستوى هذه الفاعلية. وتلك هي خطوتنا التالية".
أبحاث سريرية أسرع وأكثر ذكاءً
ومن خلال تحديد الأدوية المعاد توظيفها التي تنطوي على فرص نجاح أكبر، يمكن للباحثين إعطاؤها الأولوية لإجراء مزيد من التجارب السريرية وتركيز الموارد حيث تكون احتمالية النجاح أعلى. وقد يعني هذا حصول المرضى على العلاجات بشكل أسرع، وخفض التكاليف على أنظمة الرعاية الصحية.
طُورت هذه التكنولوجيا في الأصل باعتبارها إطار مدعوم بالذكاء الاصطناعي للتجارب السريرية الافتراضية، وقد نتح عنها مبادرة أوسع في مايو كلينك تحت إشراف كوي تاو، حاصله على الدكتوراه، وتشغل رئيس قسم الذكاء الاصطناعي والمعلوماتية في نانسي بيرتسمان وروبرت سكولي في قسم الذكاء الاصطناعي والمعلوماتية ونائبة رئيس منصة المعلوماتية في مايو كلينك. وتستكشف هذه الجهود الجديدة ثلاثة نُهج مكملة:
- مضاهاة التجارب — تكرار تصميم تجربة مكتملة أو افتراضية وتحليلها باستخدام بيانات واقعية للتحقق من صحة النتائج أو توليد الأدلة
- محاكاة التجارب — إجراء تجربة تصورية باستخدام بيانات فعلية لتقدير كيفية أداء علاج متوفر لدى مجموعة مختلفة من المرضى أو لدَواعي استعمال جديدة
- تجارب تركيبية — إنشاء تجربة سريرية تستبدل ذراعًا واحدًا أو أكثر أو تعززه باستخدام بيانات المرضى الواقعية أو المُحاكية
تقول الدكتورة تاو: "ستظل التجارب السريرية ضرورية، ولكن هذا الابتكار يبرز كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الأبحاث أكثر كفاءة وأقل تكلفة وأكثر إتاحة على نطاق واسع. كما أن دمج مضاهاة التجارب، ومحاكاة التجارب، والتجارب التركيبية، ونمذجة المعرفة الطبية الحيوية يفتح الباب أمام نموذج جديد في العلوم الانتقالية."
وبالتطلع إلى المستقبل، يمكن أن تصبح هذه الابتكارات جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية مؤسسة مايو كلينك. وقد تدعم جهود مايو كلينك الاستراتيجية مثل مبادرة Precure، من خلال تعزيز التنبؤ الاستباقي بالمخاطر والوقاية، ومبادرة Genesis من خلال تحسين رعاية زراعة الأعضاء الذكية وتقديم تدخلات فردية مخصصة.
###
نبذة عن مايو كلينك
مايو كلينك هي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بإجراء أبحاث ابتكارية في الممارسات السريرية والتعليم والأبحاث، وكذلك منح التعاطف على أيدي مجموعة من الخبراء لكل شخص يحتاج إلى الشفاء والرد على استفساراته. تفضَّل بزيارة شبكة مايو كلينك الإخباريةلمعرفة المزيد من أخبار مايو كلينك.
جهة التواصل الإعلامي:
- تيري مالوي، مايو كلينك للتواصل، البريد الإلكتروني: newsbureau@mayo.edu
[mayoNnVideoDownload]