باحث من مايو كلينك يستفيد من تفرد الفضاء لتطوير الطب على الأرض

يُعد السرطان والسكتة الدماغية وفقدان العظام من بين الأمراض والحالات التي يتم دراستها في بيئة الجاذبية الصغرى

جاكسونفيل، فلوريدا — يجمع عمل الطبيب والباحث في مايو كلينك، الدكتور عبا زبير، بين شغفين: الطب والفضاء، بهدف خدمة رواد الفضاء والبشر على الأرض. تُسفر أبحاثه في الفضاء عن اكتشافات في مجالات مثل السرطان، والسكتة الدماغية، وفقدان العظام، وغيرها. وفي هذا التنبيه العلمي، يجيب الدكتور زبير عن خمسة أسئلة تتعلق بدراساته في بيئة الجاذبية الصغرى.

ما الذي تأمل في تحقيقه من خلال أبحاثك؟

يقول الدكتور زبير: "الهدف هو الاستفادة من تفرد بيئة الفضاء من أجل صالح البشرية، سواء على الأرض أو في الفضاء. أردنا الاستفادة من بيئة محطة الفضاء الدولية لدراسة كيفية تأثيرها على فسيولوجيا الإنسان".

يضيف الدكتور زبير أن غياب الجاذبية وتأثيرات الإشعاع والفراغ تُعد ثلاث سمات أساسية تُميز بيئة الفضاء. وقد أرسل منذ عام 2017 ثلاثة مشروعات بحثية إلى محطة الفضاء الدولية، وهناك المزيد في الطريق.

بصفته اختصاصيًا في العلاجات الحيوية التجديدية، يركّز عمل الدكتور زبير جزئيًا على الخلايا الجذعية البالغة — المعروفة باسم الخلايا الجذعية المتوسطية — واستخدامها في العلاجات المستقبلية للسكتة الدماغية. وقد أوضح أنه يستخدم الخلايا الجذعية في الطب التجديدي وفي دعم برنامج زراعة نخاع العظم في مايو كلينك.

كما أنني أعلم مدى صعوبة تنمية هذه الخلايا في المختبر،" يوضح الدكتور زبير. "أحد المبادئ الأساسية الأولى هو فهم كيف يؤثر غياب الجاذبية على انقسام الخلايا الجذعية ومعدل نموها. أردنا أن نعرف ما إذا كانت الخلايا التي نُميت في الفضاء أفضل أو تنمو بشكل أسرع من تلك التي نُميت في المختبر. وعندما أجرينا أول رحلة فضائية لنا، توصّلنا إلى نتيجة مثيرة للاهتمام، إذ أدركنا أن غياب الجاذبية يؤثر فعلًا على الخلايا الجذعية، لكن تأثيره يختلف حسب نوع الخلايا." 

قاد ذلك الدكتور زبير إلى مشروع آخر على متن محطة الفضاء الدولية: دراسة كيفية مساهمة الخلايا الجذعية المتوسطية — وهي الخلايا المولدة للعظام — في تكوين العظام أو الإصابة بـهشاشة العظام وفقدان الكتلة العظمية. ويشير إلى أن رواد الفضاء يميلون إلى فقدان كثافة العظام رغم التزامهم بتمارين رياضية صارمة. 

كيف يمكن أن تفيد أبحاثك مرضى السرطان؟

يدرس الدكتور زبير أيضًا كيفية استجابة الخلايا الجذعية لـابيضاض الدم (لُوكيميا) — وهي الخلايا التي تُشكّل البذرة لهذا النوع من السرطان الدموي — لبيئة الفضاء.

يقول الدكتور زبير: "نعمل أيضًا على فهم تأثير إشعاع الفضاء، من منظور كيفية التخفيف من أثر الإشعاع والوقاية من السرطان. وعلى المدى الطويل، نهدف فعليًا إلى حماية رواد الفضاء، وخصوصًا أثناء رحلات الفضاء الطويلة، مثل السفر إلى كوكب المريخ، حيث سيكونون في عمق الفضاء وبعيدين عن أي حماية مغناطيسية توفرها الأرض."

ويضيف أن هذا البحث قد يُفيد أيضًا الأشخاص على الأرض، من خلال كشف سُبل حماية الخلايا الجذعية — أو الخلايا عمومًا — عند التعرض للإشعاع، كما هو الحال في الحوادث النووية.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لأبحاث الدكتور زبير في الفضاء انعكاسات على علاجات الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية (CAR-T)، وزرع نخاع العظم، أو غيرها من العلاجات المخصصة لمرضى السرطان.

يقول الدكتور زبير: "إذا تمكّنا من فهم كيفية توسّع الخلايا الجذعية في الفضاء — وخصوصًا الخلايا الجذعية المكوِّنة للدم (وهي الخلايا التي تعيش في نخاع العظم وتنتج الخلايا التي تؤدي وظائف في الدم) — وتمايزها لتكوين خلايا مناعية مثل الخلايا التائية والبلاعم، فسوف نتعلم كيف نُنتجها بكفاءة أعلى."

لقد أشرتَ سابقًا إلى أنك تتصور وقتًا قد يسافر فيه الناس إلى الفضاء لتلقّي بعض العلاجات الطبية. كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ وهل من الممكن محاكاة الجاذبية الصغرى لتلك العلاجات على الأرض؟

يقول الدكتور زبير: "إذا كانت الخلايا تتكاثر بشكل أكبر في الفضاء — على سبيل المثال، إذا دخلت الخلايا السرطانية فيما يُعرف بدورة الخلية وتكاثرت بشكل غير طبيعي أثناء تكاثرها — فإن العلاج الكيميائي سيكون أكثر فاعلية."

ويُوضح: "إذا كان الأمر كذلك، أي أن غياب الجاذبية يمكن أن يدفع خلايا اللوكيميا أو غيرها من الخلايا السرطانية إلى الدخول في دورة الخلية، فإن ذلك يجعلها أكثر عرضة للعلاج الكيميائي. وبالتالي، بدلًا من إعطاء العلاج الكيميائي على الأرض، قد يتم اللجوء إلى الفضاء، حيث يجعل غياب الجاذبية الخلايا السرطانية أكثر ضعفًا أمام العلاج الكيميائي. وهذا سيكون سببًا إضافيًا للسفر إلى الفضاء — وهو بالتأكيد شيء أرغب في استكشافه."

يضيف الدكتور زبير أنه سيكون من الصعب إنشاء بيئة تشبه الجاذبية الصغرى على الأرض، ولكن من الناحية التقنية، يمكن تحقيق ذلك.

يقول: "محاكاة الجاذبية الصغرى على الأرض تشبه إلى حد كبير الدخول إلى حوض سباحة — حالة من الطفو تكون فيها معلّقًا نوعًا ما؛ حيث تُلغى تأثيرات الجاذبية بفعل الماء. وبالطبع، لن يكون من المريح البقاء في الماء لفترة طويلة. في المختبر، نستخدم جهاز محاكاة للجاذبية الصغرى تُعلّق فيه الخلايا. سيكون من المثير للاهتمام لو أمكن تطبيق ذلك على الإنسان."

ما الذي جذبك إلى أبحاث الفضاء؟

نشأ الدكتور زبير في مدينة كانو بنيجيريا، ويتذكر كيف كان يتأمل السماء ليلًا عندما كان طفلًا.

يقول الدكتور زبير: "منذ أن كنت صغيرًا بقدر ما أتذكر، كنت دائمًا مفتونًا بما يوجد هناك في الفضاء. كنت أنظر إلى القمر وجميع النجوم، وهذا فعليًا ما أشعل شغفي بالفضاء واستكشافه."

كان الحلم الأول للدكتور زبير هو أن يصبح رائد فضاء، لكن أحد المستشارين في المدرسة الثانوية نصحه باختيار مسار مهني أكثر واقعية، فاتجه إلى دراسة الطب.

ما الخطوة التالية؟

أحد الحمولة العلمية التالية للدكتور زبير إلى محطة الفضاء الدولية — والتي لم يُحدد موعد إطلاقها بعد — سيبحث في ما إذا كان يمكن توسيع خلايا دم الحبل السري، الغنية بالخلايا الجذعية ولها قيمة علاجية محتملة. بينما ستتناول دراسة أخرى أنواعًا مختلفة من الخلايا التي تشارك في تكوين العظام، وما إذا كان من الممكن التخفيف من مشكلة فقدان العظام في الفضاء من خلال استخدام مركب خاص. 

يقول الدكتور زبير: "إذا نجح هذا الأمر، فسندرس بالتأكيد كيف يمكننا علاج المرضى المصابين بهشاشة العظام، ولا سيما النساء، ومرضى السرطان، أو الأشخاص المُلازمين للفراش لفترات طويلة ولا يتحملون أوزانًا، مما يؤثر في صحة عظامهم."

يُشير الدكتور زبير إلى أن جميع تجاربه في الفضاء تُجرى بالتوازي على الأرض باستخدام خلايا مطابقة، بهدف مقارنة النتائج والتحقق من صحة الاستنتاجات المستخلصة من الفضاء.

 يقول: "أنا أؤمن حقًا بأن هناك الكثير في الفضاء بانتظارنا لاستكشافه والاستفادة منه. وهذا هو السبب وراء ما أقوم به."

حصل الدكتور زبير على وسام الإنجاز العلمي الاستثنائي من وكالة ناسا، تقديرًا لإثباته أن الخلايا الجذعية الميزنكيمية المستخلصة من الإنسان والتي نُميت على متن محطة الفضاء الدولية يمكن أن تُستخدم في تطبيقات سريرية محتملة.

الصحفيون: الفيديو متاح للتنزيل على شبكة Mayo Clinic News Network.

###

نبذة عن مايو كلينك
مايو كلينك هي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بإجراء أبحاث ابتكارية في الممارسات السريرية والتعليم والأبحاث، وكذلك منح التعاطف على أيدي مجموعة من الخبراء لكل شخص يحتاج إلى الشفاء والرد على استفساراته. تفضَّل بزيارة شبكة مايو كلينك الإخبارية لمعرفة المزيد من أخبار مايو كلينك.

جهة التواصل الإعلامي:

  • شارون ثيمر، مايو كلينك للتواصل، البريد الإلكتروني:newsbureau@mayo.edu

[mayoNnVideoDownload]