• خوارزمية مايو كلينك تظهر إمكانية تخصيص علاج الاكتئاب

تكوين نسيج لوحة دوائر الكمبيوتر والملف الشخصي البشري وصور التكنولوجيا المستقبلية

غالبًا ما يكون العثور على دواء فعال مضاد للاكتئاب للأشخاص الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب، والذي يُطلق عليه أيضًا الاضطراب الاكتئابي الكبير، عملية طويلة ومعقدة من "المحاولة ثم إعادة المحاولة"- حيث يتم الانتقال من وصفة طبية إلى أخرى لحين تحقيق استجابة علاجية.

ويمكن أن يسبب هذا المرض المعقد - الذي يؤثر على أكثر من 16 مليون شخص في الولايات المتحدة- أعراضًا من مشاكل عاطفية وجسدية مستمرة، منها الحزن وسهولة الاستثارة وفقدان الاهتمام. في الحالات الحادة، تكون الأفكار الانتحارية إحدى المخاطر.

حاليًا، يمكن لخوارزمية الكمبيوتر التي طوّرها باحثون في مركز مايو كلينك للطب الفردي وجامعة إلينوي في أوربانا شامبين أن تساعد الأطباء على التنبؤ بدقة وكفاءة بما إذا كان المريض المصاب بالاكتئاب سيستجيب لمضاد اكتئاب بعينه. 

ويمثل هذا البحث الجديد، المنشور في مجلة نيوروسايكوفارماكولوجي، خطوة محتملة إلى الأمام نحو تخصيص علاج اضطراب الاكتئاب الكبير. كما يُظهر تعاونًا بين علماء الكمبيوتر والأطباء الذين يستخدمون مجموعات بيانات كبيرة لمواجهة تحديات تخصيص الممارسات الطبية للأمراض المدمرة عالميًا.

تسخير العمل الجماعي لتحسين نتائج المرضى

في هذه الدراسة، تعاون أرجون أثريا، الحاصل على الدكتوراه، عالم الكمبيوتر في علم الأدوية الجزيئي والعلاجات التجريبية في مايو كلينك، و ويليام بوبو، دكتور الطب، رئيس قسم الطب النفسي وعلم النفس في مايو كلينك بولاية فلوريدا، تعاونًا وثيقًا لإيجاد طرق يمكن من خلالها نمذجة أحد التحديات السريرية ذات الأهمية العالمية. لقد عملا معًا لاستنباط الأفكار المتعمقة بهدف تعزيز العملية الروتينية لاتخاذ القرارات السريرية لتحسين نتائج المرضى.

ويوضح الدكتور أثريا قائلًا: "تمثلت الفكرة في إنشاء تقنية تكون بمثابة رفيقٍ موثوقٍ للطبيب خلال مرحلة الرعاية، وليس تقنيةً تحل محل حكمهم، أي أنه كان عليَّ الغوص في غِمار الممارسة الطبية بما يكفي لتعلم التحديات التي يواجهها الأطباء وكذلك احتياجات المرضى؛ من أجل تحويل تلك الاحتياجات والتحديات - عبر التعاون - إلى تقنية هندسية".

وضع الذكاء الاصطناعي قيد الاختبار

يستخدم النهج الجديد إطار ذكاء اصطناعي يسمى "ألموند" للعثور على أنماط وخصائص فريدة في البيانات الجينومية والسريرية للمرضى. وهذا يسمح باختيار العلاج المناسب أو يتيح تغيير العلاج في وقت قريب نسبيًا بعد بدء استخدامه، إذا توقعت الخوارزمية استجابة ضعيفة.

لأغراض الدراسة، قام الدكتور أثريا والدكتور بوبو وفريقهما بتدريب الخوارزمية من خلال إنشاء ملفات تعريفية بها أعراض لما يقرب من 1000 مريض مصابين بالاضطراب الاكتئابي الكبير، وكانوا قد بدؤوا العلاج بمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. وهذه هي مضادات الاكتئاب الأكثر شيوعًا التي يتم صرفها.

أولًا قسَّم الفريق المرضى وفقًا لشدة اكتئابهم لإنشاء رسم بياني. ثم حددوا الطرق المختلفة لتغير اكتئابهم بعد بدء العلاج. وقد وجدوا أن بعض أعراض الاكتئاب كانت مفيدة أكثر من غيرها في التنبؤ بنتائج العلاج. كما حددوا مستويات التحسين المطلوبة في كل علاج للحصول على نتيجة جيدة.

ويوضح الدكتور أثريا قائلًا: "استخدمنا الخوارزمية لتحديد أعراض الاكتئاب المحددة ومراحل التحسن التي كانت تدل على الاستجابة لمضادات الاكتئاب، بمُجْمل أربعة أسابيع للمريض لتحقيق مرحلة السكون أو الاستجابة، أو ثمانية أسابيع لعدم الاستجابة".

بشكل عام، تم اختبار الخوارزمية على 1,996 مريضًا مصابًا بالاكتئاب، وبلغت النتائج الصحيحة للتنبؤ بما إن كان المرضى سيستجيبون للعلاج بشكل إيجابي 72% من المرضى.

الخوارزمية تسمح لمزودي الرعاية الصحية والمرضى بتخصيص الرعاية

يقول الدكتور بوبو إن تقديم تنبؤات قابلة للتفسير يمكن أن يعزز العلاج السريري للاكتئاب ويقلل الوقت المُستغرَق في التجارب المتعددة لمضادات اكتئاب غير فعالة.

ويوضح الدكتور بوبو: "عادةً ما يبدأ الأطباء العلاج ثم يعود المرضى بعد أربعة أسابيع. بعد ذلك، واستنادًا إلى حكم الطبيب على التحسن، فإنه يخمن بأفضل ما لديه كيف ستكون النتيجة بعد ثمانية أسابيع، فإما يقرر تغيير العلاج وإما يقرر الاستمرار على المسار نفسه".

ويقول الدكتور بوبو إن الدراسة تسلط الضوء على الشراكة الضرورية بين علماء الكمبيوتر والأطباء.

"إن المنطق الذي يطبقه الأطباء يتبع خطوات معينة، وهذا ما أثار اهتمام الدكتورة أثريا حقًا، والذي استخلص الأمر على أنه مشكلة حاسوبية ومشكلة هندسية. لقد كنا نتوصل إلى نفس الفكرة لكن بوجهات نظر مختلفة، وهذا في النهاية حقّق درجة عالية من التآزر" - كما يشرح الدكتور بوبو.

ويضيف الدكتور بوبو قائلاً: "ما فعلناه بعد ذلك بالدراسة هو تحويل منطق تفكير الأطباء إلى 'خوارزمية' باستخدام نماذج رسومية للاحتمالات لتفصيل التنبؤات بنتائج الثمانية الأسابيع من حيث شدة المرض قبل العلاج، وإلى أي حد يجب أن تتحسن بعض أعراض الاكتئاب المحددة بين القيمة القاعدية وبعد أربعة أسابيع. وهكذا، يولِّد النموذج مخرجات بطريقة يمكن للأطباء استيعابها، وتفسيرها بسهولة، وربما استخدامها في الوقت المحدود لزيارات المرضى السريرية".

هذا ويقول الباحثون إن النموذج يمكن أن يكون مفيدًا في عيادات الرعاية الأوّلية المزدحمة وقد يسرِّع الإحالات للاستشارات المتخصصة في الصحة العقلية إذا كانت النتائج المتوقعة للعلاج هي عدم الاستجابة.

ويتابع الدكتور أثريا: "نأمل أن تساعدنا هذه الدراسة في تمهيد الطريق نحو تطوير الأدوات الإلكترونية التي يمكنها مساعدة الأطباء والمرضى على اتخاذ قرارات أفضل بشأن علاجاتهم في أقرب وقت ممكن بعد بدئها".

بالنسبة لمرض يتميز بدرجات عالية من التباين في نتائج العلاج بين المرضى، فإن هذه الدقة تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تخصيص علاج الاكتئاب - بفضل إتاحة الفرصة لتعزيز التدابير السريرية بتدابير بيولوجية مثل: علم الجينوم، والتي يعمل الفريق عليها بالفعل كجزء من دراسة أوسع بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية.

كما يقوم الفريق بالتحقق بشكل استباقي من نتائجهم في توجيه الممارسة الطبية في مايو كلينك بمدينة روتشستر، ومايو كلينك بولاية فلوريدا، باستخدام إحدى جوائز مركز مايو كلينك التحولي.

###

عن مايو كلينك

مايو كلينك هي منظمة غير ربحية ملتزمة بالابتكار في الممارسة السريرية والتعليم والبحث، وتوفر الرَأفَة والخبرة والإجابات لكل من يحتاج إلى الشفاء. قم بزيارة شبكة أخبار مايو كلينك للحصول على المزيد من أخبار مايو كلينك.

مسؤول التواصل الإعلامي: سوزان ميرفي، مكتب العلاقات العامة في مايو كلينك، البريد الإلكتروني: newsbureau@mayo.edu

المقالات ذات الصلة